مقدمة
جاء الإسلام ليُكرّم الإنسان، ويضعه في مركز الكون باعتباره خليفة الله في الأرض. لم يميز بين الناس على أساس العرق أو اللون أو النسب، بل جعل التقوى معيار التفاضل. ومن خلال منظومته المتكاملة، يُعزز الإسلام الكرامة الإنسانية في العقيدة، العبادة، السلوك، والعلاقات الاجتماعية، ليصنع إنسانًا حرًا، واعيًا، ومسؤولًا.
الكرامة في القرآن الكريم
القرآن الكريم يُؤكد على مكانة الإنسان وكرامته في آيات متعددة، منها:
“ولقد كرمنا بني آدم”: تكريم عام يشمل كل البشر.
“لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم”: تأكيد على جمال الخِلقة والقدرة العقلية.
“فإذا سويته ونفخت فيه من روحي”: نفخة الروح الإلهية دليل على التميز والسمو.
هذا التكريم ليس شكليًا، بل يُترجم إلى حقوق وواجبات تحفظ للإنسان إنسانيته.
الكرامة في السنة النبوية
النبي محمد ﷺ جسّد مفهوم الكرامة في أقواله وأفعاله:
قال: “الناس سواسية كأسنان المشط”.
وقف لجنازة يهودي احترامًا لإنسانيته، وقال: “أليست نفسًا؟”.
نهى عن التعذيب، الإهانة، والاحتقار، حتى في حالات الحرب.
السنة النبوية تُظهر كيف يُعامل الإنسان باحترام، بغض النظر عن دينه أو وضعه الاجتماعي.
مظاهر الكرامة في التشريع الإسلامي
1. الحرية
الإسلام يُقر حرية الاعتقاد: “لا إكراه في الدين”.
يُشجع على حرية التفكير والتعبير، ضمن ضوابط أخلاقية.
2. العدالة
لا يُفرق بين غني وفقير، أو حاكم ومحكوم.
يُحاسب الجميع أمام القانون، ويُحرم الظلم بكل أشكاله.
3. الحقوق الاجتماعية
حق التعليم، العمل، الزواج، والتملك.
رعاية الفقراء والمحتاجين من خلال الزكاة والصدقات.
4. حماية النفس والخصوصية
يُحرم القتل والاعتداء، ويُشدد على حفظ النفس.
يُحرم التجسس، الغيبة، وانتهاك الخصوصية.
الإسلام في مواجهة الإهانة والتمييز
الإسلام يُحارب كل أشكال الإهانة والتمييز:
يُدين العنصرية: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.
يُحرم السخرية والتنابز بالألقاب.
يُشجع على احترام الآخر، حتى في الخلاف.
خاتمة
الإسلام هو دين الكرامة، يُعلي من شأن الإنسان، ويُرسّخ قيم الاحترام، الحرية، والعدالة. وفي عالم يُعاني من التمييز والاضطهاد، يُقدم الإسلام نموذجًا حضاريًا يُعيد للإنسان إنسانيته، ويُبني مجتمعًا يقوم على المحبة والتكافل.